ونختم بشبهة قد تثار حول القدر: إن كان القدر بهذه الأهمية، فلماذا لم يُذكر في القرآن الكريم؟ إن الله تعالى ذكر أركان الإيمان خمسة في الآية التي تردّدت كثيرًا في هذا الدرس وسابقه: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} (البقرة: 177) ولم يذكر الركن السادس وهو الإيمان بالقدر. والجواب: لم يصرح ربنا -سبحانه وتعالى- بالإيمان بالقدر؛ لأنه بعد الشرح والبيان لمعنى الإيمان بالقدر يتبين لنا أن الإيمان بالقدر متعلق بالله -عز وجل، وبأسمائه وصفاته؛ فهو إذًا داخل في عموم الإيمان بالله.
ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيَّن ذلك وفصّله، وعدّ الإيمان بالقدر الركن الثالث من أركان الإيمان، وصدقه على ذلك جبريل عليه السلام، وقد قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (الحشر: 7) وقال سبحانه في حق نبيه -صلى الله عليه وسلم-: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم: 1 - 4).
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.