بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس العشرون
(أهم الأخلاق التي يجب على الداعية أن يتخلق بها (4))
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ أما بعد:
العدل لغة: ضد الجور، ومعناه الاعتدال، والاستقامة، والميل إلى الحق. والعدل شرعًا: هو الاستقامة على طريق الحق بالاجتناب هو عما هو محظور دينًا، وقد أمر الله سبحانه، وتعالى عباده المؤمنين بالعدل فقال بحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والْإِحْسَانِ وإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} (النحل: 90)، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (النساء: 58)، وأمر -سبحانه وتعالى- بالعدل في القول، فقال: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ولَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} (الأنعام: 152)، وقال سبحانه: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا} (المائدة: 8).
ففي الآية الأولى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ولَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} (الأنعام: 152) أي: قولوا الحق، وقولوا قول العدل، ولو كان القول في حق ذي قربى، وقولوا الحق، والعدل، ولو كان القول يترتب عليه إنصاف العدو: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا} (المائدة: 8) أي: لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل؛ فإن العدل واجب على كل أحد، وفي كل أحد، وفي كل حال.
وقد قال بعض السلف: "ما عاملت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه"، وبالعدل قامت السموات، والأرض، وقد روى ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحديبية، وأصحابه حين صدهم المشركون عن البيت، وقد اشتد ذلك عليهم فمر بهم أناس من المشركين من أهل المشرق يريدون العمرة، فقال أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-: نصد هؤلاء كما صدنا أصحابه فأنزل