واجب فإن الله تعالى قال: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} (غافر: 78).
وقد سمى الله -تبارك وتعالى- في القرآن الكريم خمسة وعشرين رسولًا؛ فوجب الإيمان بهم على وجه التعيين، ووجب الإيمان بإخوانهم على وجه العموم والإجمال؛ ومن الإيمان بالرسل الإيمان بأنهم أفضل الخلق على الإطلاق، وأكثرهم علمًا، وأحسنهم عملًا، وأصدقهم حديثًا، وأكملهم أخلاقًا، وبأن الله خصهم بفضائل لا يحصلها غيرهم، وأن الله لم يخصهم بطبائع غير طبائع البشر، إنما اختارهم رجالًا يأكلون ويشربون، يبولون ويتغوطون، ويتزوجون ويتناسلون، ويمشون في الأسواق يبيعون ويشترون؛ فالواجب احترامهم وتوقيرهم من غير إفراط ولا تفريط، وإنزالهم منازلهم التي أنزلهموها الله -عز وجل- عباد مكرمون لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورًا. وهم من جملة البشر تعتريهم الأسقام والأوجاع، وينالهم الأذى من الأعداء، ويموتون كما يموت سائر الناس وربما يقتلون.
ومن الإيمان بالرسل الإيمان بأن محمد -صلى الله عليه وسلم- خاتم النبيين كما قال الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (الأحزاب: 40) وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتًا؛ فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية؛ فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين)). فمن ادعى النبي بعد محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد افترى على الله الكذب كما قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (الأنعام: 93). عن ثوبان قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: