كما أخبر الله -سبحانه وتعالى- أن الإمامة في الدين إنما تنال بالصبر، واليقين، فقال -عز وجل-: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (السجدة: 24)، وأخبر سبحانه أن التمكين في الأرض لا يتحقق إلا بالصبر؛ فقال على لسان يوسف عليه السلام، وقد كشف لإخوته عن هويته فقالوا متعجبين من حاله الذي انتهى إليها من الرفعة، والسيادة، والتمكين في الأرض: {قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ ويَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (يوسف: 90).
وأخبر ربنا -سبحانه وتعالى- أن الأخلاق العالية، والأعمال الصالحة لا تنال إلا بالصبر فقال سبحانه: {وَقَالَ الَّذِينَ أوتُوا الْعِلْمَ ويْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وعَمِلَ صَالِحًا ولَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} (القصص: 80)، وقال سبحانه: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ ولَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ ولِيٌّ حَمِيمٌ * ومَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا ومَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34، 35).
وأخبر -سبحانه وتعالى- أن الصبر جُنة تقي العبد كيد العدو وضرره، فقال سبحانه: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وإِنْ تَصْبِرُوا وتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (آل عمران: 120)، وأخبر -سبحانه وتعالى- أن النصر لا يكون إلا مع الصبر فقال سبحانه: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وتَتَّقُوا ويَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} (آل عمران: 125)، ولذلك أمر المؤمنين بالصبر، والثبات عند لقاء العداء فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا واذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ ولَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وتَذْهَبَ رِيحُكُمْ واصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال: 45، 46).