عرفنا من الوحي أصل خلقتهم وبعض صفاتهم الخلقية والخلقية، وعلاقتهم بالله تعالى وبالكون وعلاقتهم بالإنسان عمومًا وبالمؤمنين خصوصًا. أما عن أصل خلقتهم؛ فإنهم خلقوا من نور، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق من آدم مما وصف لكم)) أما صفاتهم الخلقية فهم خلق عظيم، ذوو أجنحة مثنى وثلاث ورباع، وأكثر من ذلك كما قال سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (فاطر: 1).
عن الشيباني قال: سألت ذر عن قول الله تعالى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} (النجم: 9، 10) قال: "أخبرنا عبد الله أن محمد -صلى الله عليه وسلم- رأى جبريل له ستمائة جناح"، وعن جابر بن عبد الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أوذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش؛ إنما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام)) أما صفاتهم الخلقية فإن الله -سبحانه وتعالى- وصفهم بأنهم كرامٌ بررة ومن أخص صفاتهم الحياء كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد دخل عليه عثمان: ((ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة)).
والملائكة لا يصفون بذكورة ولا أنوثة وقد ضلت العرب إذ جعلت الملائكة إناثًا؛ فكذبهم الله تعالى، وأخبر أنهم سيسألون عن قولهم هذا؛ فقال -عز وجل-: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} (الزخرف: 19) أما علاقة الملائكة بالله -عز وجل- فالملائكة خلق من خلق الله، وعباد من عباده مخلقون مملكون مربون، لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا. قال الله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} (الأنبياء: 26 - 29).