إذا به يأتي إلى فصل آخر فيجده دون ما وصل إليه الكاتب من البلاغة في الفصل السابق، وهذه هي طبيعة البشر.

أما القرآن الكريم فاقرأه من الفاتحة إلى الناس تجد البلاغة في أطول سورة وفي أقصر سورة، وتجدها في أطول آية وأقصر آية، على الرغم من أن القرآن الكريم نزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- على مدار الثلاث والعشرين سنة، طرفان متباعدان ومع ذلك فأول ما نزل وآخر ما نزل من البلاغة على درجة واحدة، وهذا وجه من وجوه الإعجاز، وكذلك تناول القرآن الكريم مواضيع شتى وأحكام ًا مختلفة تناول تشريعات وتناول قضايا، وحل مشكلات، وتناول حدود ً اوأحكام ًا وعبادات، ومع ذلك فعلى الرغم من تنوع المواضيع واختلاف الأحكام؛ فالبلاغة في كل آية منه.

ثاني ً ا: من وجوه إعجاز القرآن إخباره بوقائع تحدث في المستقبل، وقد حدثت فعل ً امن ذلك قول ربنا سبحانه: {الم * غُلِبَتْ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ} (الروم: 1 - 4)، وهذا من الإخبار بما سيكون في المستقبل، وما كان لمحمد -صلى الله عليه وسلم- أن يجر ؤ على أن يقول هذا القول لو كان من عنده؛ لأنه لا يعلم الغي ب؛ فلولا أنه على يقين تام من أن هذا القرآن كلام الله -سبحانه وتعالى- ما استطاع أن يصدع بهذا القول، ومع ذلك صدع به، ثم تحقق ما أخبر به؛ لأنه كما قال تعالى: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (الفرقان: 6).

ومن وجوه إعجاز القرآن الكريم: إخباره بوقائع الأمم السابقة المجهولة أخبارها عند العرب جهل ً اتام ًّ ا؛ لعدم وجود ما يدل عليها من آثار ومعالم، ولذلك فإن الذي يقرأ القصص القرآني يرى الله - سبحانه وتعالى - دائم ً ايُعقب على كل قصة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015