بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء: 138 - 146).
هذه هي أصناف المدعوِّين من غير المسلمين من المشركين واليهود والنصارى والمنافقين، وقد دعا الله -تبارك وتعالى- إلى التوبة والدخول في الإسلام، واتباع النبي عليه الصلاة والسلام، وقام -صلى الله عليه وسلم- بدعوتهم جميعًا، لم يفرق بين مشرك وكتابي ومنافق، ولقد قضى -صلى الله عليه وسلم- في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو المشركين إلى التوحيد، وكان يغشاهم في مجالسه وأنديتهم ويزورهم في بيوتهم، وكان يدعوهم فرادى ومجتمعين، ولم يترك دعوتهم مع انصرافهم عنه وإصرارهم على عدم الاستماع إليه، كما قال تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ * قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} (فصلت: 5، 6) فأمره -صلى الله عليه وسلم- بالاستمرار في دعوتهم وإن دعوه إلى عدم دعوتهم وعدم تذكيرهم.
كما كان -عليه الصلاة والسلام- في المدينة يأتي اليهود ويدعوهم إلى الإسلام؛ ففي البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "بينما نحن في المسجد إذ خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((انطلقوا إلى يهود))، فخرجنا معه حتى جئنا بيت المدارس فقام -صلى الله عليه وسلم- فناداهم: ((يا معشر يهود، أسلموا تسلموا)) فقالوا: بلغت يا أبا القاسم، فقال: ((ذلك أريد)) ثم قالها ثانية، فقالوا: بلغت أبا القاسم، ثم قالها الثالثة، فقال: ((اعلموا أن الأرض لله ولرسوله، وإني أريد أن أجليكم، فمن وجد منكم بماله شيئًا فليبعه، وإن لا فاعلموا أن الأرض لله ولرسوله)).
كذلك كان -صلى الله عليه وسلم- يأتي المنافقين ويدعوهم إلى الإسلام؛ ففي مسلم عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: لو أتيت عبد الله بن أبي؟ قال: فانطلق إليه،