بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الحادي عشر
(المدعُوّون)
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
المدعو هو الركن الثالث في الدعوة، فهناك داعية ومدعو وهناك شيء يدعو إليه، فالذي يدعو إليه هو دين الله عز وجل، والدعاة تكلمنا عن صفاتهم. المدعون من هم؟ من هو الإنسان المدعو؟
الإنسان -أيُّ إنسان كان- هو المدعو إلى الله تعالى؛ لأن الإسلام رسالة الله الخالدة، بعث الله به محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى الناس أجمعين، قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (الأعراف: 158) وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (سبأ: 28)، وهذا العموم بالنسبة للمدعوّين لا يُستثنى منه أيُّ إنسان مخاطب بالإسلام ومكلف بقبوله والإذعان له، وهو الإنسان البالغ العاقل مهما كان جنسه ونوعه ولونه ومهنته وإقليمه وكونه ذكرًا أو أنثى، إلى غير ذلك من الفروق بين البشر.
ولذلك كان ممن آمن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- العربي كأبي بكر، والحبشي كبلال والرومي كصهيب، والفارسي كسلمان، والمرأة كخديجة، والصبي كعلي بن أبي طالب، والغني كعثمان بن عفان، والفقير كعمار، وعلى هذا فالدعوة إلى الله -عز وجل- عامة لجميع البشر، وليست خاصة بجنس دون جنس أو طبقة دون طبقة أو فئة دون فئة؛ ولهذا يُخاطب القرآن الكريم البشر بصفتهم الآدمية، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (البقرة: 21) ويقول سبحانه: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (الأعراف: 31) وعلى الداعي أن يفقه عموم دعوته إلى الله، ويحرص على إيصالها لكل إنسانٍ يستطيع الوصول إليه، وهذا لا يناقض ابتداء الداعي بالأقربين إليه، فيدعوهم قبل البعيدين؛ لأن لكل إنسانٍ الحق في إيصال