بيدها، وغير ذلك من وظيفة المرأة في بيتها جاءت إلى رسول الله تشكو ما أصابها من التعب والنصب، وتسأله خادمًا يعينها على واجباتها المنزلية، فما كان من النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أن قال لعلي وفاطمة: ((ألا أدلّكما على خير لكما من خادم، إذا أويتما إلى فراشكما عند النوم تسبحان الله ثلاثًا وثلاثين، وتحمدان ثلاثًا وثلاثين، وتكبران أربع وثلاثين؛ فذلكما خير لكما من خادم)).
قال العلماء: في إرشاد النبي -صلى الله عليه وسلم- عليًّا وفاطمة إلى ذكر الله -عز وجل- بدلًا من الخادم إشارة إلى أن ذكر الله -عز وجل- يُعين البدن كما يعين القلب، ولقد كان -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر يقول: ((أرحنا بالصلاة يا بلال، أرحنا بالصلاة يا بلال))، والله تعالى قال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (طه: 14)، ولقد أمر الله -سبحانه وتعالى- الدعاة بكثرة ذكره عند المواجهة، فقال لموسى -عليه السلام- وقد كلفه بالذهاب إلى فرعون: {اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي} (طه: 42)، وقال الله تعالى للمؤمنين عند القتال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الأنفال: 45).
وإذا كان الداعية يدعو الناس إلى التقرب إلى الله -عز وجل- بما يُحب من نوافل العبادات؛ فإن الداعية أولى وأحق بذلك أن يكون هو أكثر الناس لله ذكرًا؛ فعلى الداعية أن يُحافظ على الصلوات الخمس في الجماعة، وإن لم يرَ الجماعة واجبة؛ فليحافظ عليها لفضلها، وما يترتب عليها من الأجر والثواب، فصلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في سوقه وبيته سبعًا وعشرين ضعفًا، ثم إن تواجد الداعية في المسجد خمس مرات في اليوم والليلة فرصة عظيمة للالتقاء بالناس ودعوتهم وتذكيرهم، واقتراب الداعية من الناس سببٌ لقربهم منه