ومظهره الانقياد التام لشرع الله بتمام الرضى والقبول، وبلا قيد ولا شرط ولا تعقيب، ومن ثَمَّ كان الإسلام بهذا المعنى هو دين الله المرضي عنده، وأوحى به إلى رسله الكرام، وبلَّغوه إلى الناس، قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ} 2، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 3، {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} 4، {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} 5.
6- ثم خص لفظ "الإسلام" بالدِّين الذي جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- من ربه، وبالانقياد التامِّ له بلا قيد ولا شرط، وبهذا الانقياد يظهر خضوع الإنسان لله رب العالمين خضوعًا اختياريًّا وهو جوهر الإسلام كما قلنا، وبهذا المعنى الخاصّ للإسلام جاء قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا} 6 وعلى هذا يكون تعريف الإسلام بمعناه الخاص وهو المطلوب عند إطلاق هذا الاسم "الإسلام هو الخضوع الاختياري لله رب العالمين، ومظهره الانقياد لشرع الله الذي أوحاه إلى رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- وأمره بتبليغه إلى الناس.
التعريف الثالث:
7- الإسلام هو النظام العامّ والقانون الشامل لأمور الحياة، ومناهج السلوك للإنسان التي جاء بها محمد -صلى الله عليه وسلم- من ربه، وأمره بتبليغها إلى الناس، وما يترتَّب على اتباعها أو مخالفتها من ثواب أو عقاب، قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} فالدين هنا يتضمَّن المعاني التي ذكرتها، ويستلزم غيرها، وهي بمجموعها تعني الإسلام جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- من رب العالمين.