قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} 1، {وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 2، فلا يجوز للداعي أن يغفل مكانة القول في تبليغ الدعوة، ولا أثر الكلمة الطيبة في النفوس، فالقول أذن هو الوسيلة الأصلية في إيصال الحق للناس.
الضوابط العامة في القول:
731- يجب أن يكون القول واضحًا بيِّنًا لا غموض فيه ولا إبهام، مفهومًا عند السامع؛ لأنَّ الغرض من الكلام إيصال المعاني المطلوبة إلى من يكلمه الداعي، فيجب أن يكون الكلام واضحًا غاية الوضوح، ولهذا أرسل الله رسله بألسنة أقوامهم حتى يفهموا ما يدعونهم إليه، ويستطيعون بيانه إليهم، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُم} ، وجعل الله تعالى وظيفة الرسل الكرام التبليغ المبين الواضح؛ لتقوم الحُجَّة على المخاطبين، قال تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} ، ومقياس الوضوح ليس نفس الداعي وفهمه، فقد يكون الكلام واضحًا بالنسبة له، غامضًا بالنسبة إليهم، وكذلك ليس المقياس وضوح القول بذاته، فقد يكون الكلام واضحًا عندهم، وهذا هو الذي يشير إليه قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} ، فالبيان لهم لا للداعي ولا للكلام بذاته، وفي الحديث عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- قالت: كان كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلامًا فصلًا، أي: بيِّنًا ظاهرًا، يفهمه كل من يسمعه3.
732- ويجب أن يكون الكلام خاليًا من الألفاظ المستحدثة التي تحتمل حقًّا وباطلًا، وخطًأ وصوابًا، وعلى الداعي أن يحرص على استعمال الألفاظ الشرعية المستعملة في القرآن والسُّنَّة وعند علماء المسلمين؛ لأن هذه الألفاظ تكون محدَّدة المعنى واضحة المفهوم، خالية من أيِّ معنًى باطل قد يعلق في ذهن المدعوّ. وقد أشار القرآن الكريم إلى ضرورة هذا النهج، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا