حفروه، فقد جاء في هذا الحادث أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لمَّا جاءه خبر نقض بني قريظة عهدها معه، بعث -عليه الصلاة والسلام- سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وعبد الله بن رواحة وخوات بن جبير، وقال لهم: "انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا، فإن كان حقًّا فالحنوا لي لحنًا أعرفه، ولا تفتُّوا في أعضاد الناس، وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم فاجهروا به للناس"1.
728- وعلى الرئيس أن يعهد لكلِّ واحدٍ ما يقدر عليه، وهو فيه أكفأ من غيره، والأصل الجامع في هذا الباب قوله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} 1، والقوة تختلف باختلاف العمل، فيعهد لكل عمل أصلح الموجودين له، دليلنا على ذلك تأمير خالد بن الوليد على المسلمين في قتال المشركين من قِبَل رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر -رضي الله عنه، حتى إنَّ خالدًا -رضي الله عنه- كانت تصدر منه بعض الأعمال بتأويلٍ يبرأ منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ومع هذا يبقيه على الإمرة، كما في عمله في بني جذيمة؛ حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "اللهم أني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد"،1 وفلي الأذان أمر -صلى الله عليه وسلم- بلالًا أن يؤذن، وقال لعبد الله بن زيد الذي رأى رؤيا الآذان: "فإنه -أي بلال- أندى صوتًا منك" 2، ويجوز للرئيس أن يعرض العمل على الأفراد، ويدعو من يقدر عليه، ويدل على نفسه، ثم يختار الرئيس من يراه قديرًا عليه، دليلنا على ذلك أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة أحد قال: "من يأخذ هذا السيف بحقه"، فقام إليه رجال، فأمسكه عنهم حتى قام إليه أبو دجانة فأعطاه إياه