اصول الدعوه (صفحة 418)

ابتعاد الداعي عن النهج الصحيح:

655- وقد يبتعد الداعي عن النهج الصحيح، فلا يهتم بأمور العقيدة، ويهوى الخوض فيما يهواه الناس ولا يكلفهم شيئًا، كالخوض فيما تعورف عليه من أمور ما يسمَّى بالسياسة والثرثرة فيها، وتحليل الأمور تحليلًا بعيدًا عن مفاهيم العقيدة وشمولها، كل ذلك يفعله الداعي استجابة لرغبات الناس أو لرغبة في نفسه هو، وهذا المنهج خطأ؛ لأنَّ الداعي إلى أمور بعيدة عن أصل الداء والدواء، وهو الانحراف عن العقيدة الإسلامية ولزوم تعميق معانيها في النفوس، ونتيجة ذلك بقاء أصل الداء والسير في البناء من السطح أو بلا أساس.

الكليات لا الجزئيات:

656- وما دام أصل الأمر وسنامه التأكيد على أصل الداء والدواء، فعلى الداعي أن لا يبدِّد جهوده في الجزئيات واستئصالها إن كان في ذلك تعويق له عن غرس معاني العقيدة الإسلامية في النفوس، ودعوته إلى الله.

ودليلنا على ذلك أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يرى الأصنام تلوث بيت الله، وتحيط به، وهي تطل بعيونها الجامدة القبيحة، وهو -عليه الصلاة والسلام- لا يرفع يده لتحطيمها، ولا يأمر أصحابه بتكسيرها، ولو أراد الأمر، ولو أمر لنفَّذَ المسلمون ما يأمرهم به، ولكنه لم يفعل ذلك -عليه الصلاة والسلام؛ لأنَّ المسألة ليست مسألة تكسير أصنام آنذاك، وإنما هي تكسير أقفال القلوب حتى تفقه الحق، ثم يأتي اليوم الذي تخرم فيه تلك الأصنام تحت ضربات المؤمنين، وقد كان ذلك في يوم فتح مكة، فكان -صلى الله عليه وسلم- يشير بعصاه إلى الأصنام وهو يقول: "لقد جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا" فتخِرّ إلى الأرض مكسَّرة محطَّمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015