الآخرين في مجال الوسائل والأساليب، فإنَّ الحكمة ضالَّة المؤمن يأخذها من أيِّ وعاء خرجت....
ضرورة الاستمساك بالنهج الصحيح في الوسائل والأساليب:
646- النهج الصحيح في الوسائل والأساليب هو المُسْتَقَى من المصادر التي بَيَّنَّاها، والاستمساك بهذا النهج ضروري لكلِّ داعٍ ولازم له، وواجب عليه، لأنَّ الإسلام يقضي به، والواجب على المسلم أن يتمسَّك بما يقضي به الدين، كما أنَّ التزام هذا المنهج الصحيح يقرِّب من الغاية ويوصِّل إلى المطلوب، ثم إنّ المطلوب من الداعي أن يحرص على طاعة الله، واتباع الصواب، وعدم الوقوع في الخطأ وفي العصيان، وهذا المطلوب من الداعي إنما يكون بالالتزام بالنهج الصحيح الذي جاءت به المصادر.
فإذا ما قام الداعي بما هو مطلوب منه لم يكن مسئولا عن نتيجة عمله من حيث بلوغ الغاية والوصول إلى المراد؛ لأنَّ الله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ، والحساب إنما يكون على مشروعية عمل الإنسان، وهل أدَّى كل ما عليه من واجب؟ وإذا تبيِّنَ هذا الأمر ووعاه الداعي وفقهه، لم يكن له أن يخرج على النَّهج الصحيح بحجة صعوبته أو طوله، أو عدم قبول الناس له، أو تعجلًا من الداعي لبلوغ الغاية، أو انسياقًا منه وراء عاطفة نبيلة دينية حسنة، ورغبة صادقة في العمل والجهاد والشهادة في سبيل الله؛ لأنَّ الخطأ لا يصير صوابًا بالنيات الحسنة والعواطف النبيلة، وأنَّ الوصول إلى المقصود لا يكون بالسير على ما لا يؤدي إليه، وإن كان السائر جَدُّ حريص على الوصول، ويكفي للتدليل على ما أقول أن أذكر أنَّ أحكام الشريعة ما نزلت دفعة واحدة، وأنَّ الدعوة الإسلامية ما سارت وراء رغبات المتحمسين وعواطف الصادقين المتعجلين، فالقتال ما شُرِّعَ في مكة، وكان جواب النبي -صلى الله عليه وسلم- للمتعجلين: أن اصبروا.
وصلح الحديبية لم تتَّسِع له صدور كثير من المسلمين بالرغم من صدقهم وعمق إيمانهم واستعدادهم للقتال وللاستشهاد، ولكن اتسع له صدور رسول الله -صلى الله عليه وسلم؛ لأن المسألة ليست مسألة استعداد للموت، والصدق في هذا الاستعداد، وإنَّما المسألة هي لزوم السير على النهج الصحيح، فهو وحده الموصِّل إلى المراد وبلوغ الغاية على الوجه المطلوب.
ولهذ نزل القرآن واصفًا ذلك الصلح بالفتح المبين، فعلى الداعي أن لا يتأثَّر