اصول الدعوه (صفحة 396)

صُدُودًا، فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا، أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} 1. من صفات المنافقين: زعمهم أنَّهم يؤمنون بما أنزل الله على رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم، وما أنزل الله على رسُلِه من قبله، ومع هذا الزعم بألسنتهم، يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وهو الباطل، وهو ما عدا الكتاب والسنة، وقد أمرهم الله تعالى بالبراءة منه، ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالًا بعيدًا في دفعهم إلى التحاكم إلى ما عدا الكتاب والسنة، فكيف حالهم إذا أصابتهم مصيبة بسبب نفاقهم وتمرُّدهم على أوامر الله، ثم جاءوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحلفون بالله أنَّهم ما قصدوا بالتحاكم إلى الطاغوت إلّا الإحسان والتوفيق، إلّا الاصلاح والخير ومصانعة أهل الباطل. إن أولئك المنحرفين عن دين الله وعن شريعته يعلم الله ما في قلوبهم من المرض والنفاق، فأعرض عنهم، أي: لا تعنِّفهم على ما في قلوبهم، ولكن انههم عمَّا في قلوبهم من النفاق وانصحهم بكلام بليبغ رادعٍ لهم.

625- ثامنًا: الإفساد بين المؤمنين، قال تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} 2، ويحرص المنافقون على إضعاف المسلمين وتفريق صفوفهم وإشغالهم فيما بينهم، وهذه الآية الكريمة تبيِّنُ هذه المعاني وغيرها، فقد يحزن المسلمون على عدم النظام بعض الناس إليهم، وعدم العمل معهم، ظنًّا منهم أنَّهم منهم وأنهم ينفعونهم إذا خرجوا معهم، ولكنَّ الله يعلم غير ذلك؛ يعلم أنهم لو خرجوا مع المسلمين لما زادوهم إلّا خبالًا، أي: فسادًا بالنَّميمة، وإيقاع الاختلاف بين المسلمين، وبثّ الأراجيف، ولأوضعوا خلال المسلمين، أي: لأسرعوا فيما بينهم بالنميمة والبغضاء والفتنة، وفي المسلمين سمَّاعون لأولئك المنافقين، أي: مطيعون لهم ومستجيبون لحديثهم وكلامهم يستنصحونهم أو يسألونهم لا يعلمون حالهم، فيؤدي ذلك إلى وقوع الشرِّ بين المؤمنين3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015