تحقيق مصالح العباد في العاجل والآجل:
502- إنَّ مقاصد الإسلام التي دلَّ استقراء نصوص الشريعة عليها، هي تحقيق مصالح العباد وردء المفاسد والأضرار عنهم في العاجل والآجل، وبهذا كله تتحقق لهم السعادة الحقة في حياتهم هنا وحياتهم هناك، وبهذا صرَّح المحققون من علماء الإسلام، قال الإمام العز بن عبد السلام: "إن الشريعة كلها مصالح؛ إمَّا درء مفاسد، أو جلب مصالح"1، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن الشريعة الإسلامية جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها"2، وقال تلميذه الإمام ابن قيم الجوزية: "الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها ورحمة، ومصالح كلها وحكمة كلها"3، وقال الشاطبي في موافقاته: "إنها -أي: الشريعة- وضعت لمصالح العباد"4.
الواقع أنَّ ما ذكره هؤلاء الأئمة الأعلام حقّ ووصف ثابت للإسلام، تدلّ عليه نصوصه كما قلنا، ويكفي هنا أن نذكر نصًّا في تعليل رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم، يتضمَّن ما قالوه، قال -جل جلاله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} ، وإنما كانت رسالته -عليه الصلاة والسلام- رحمة للعالمين؛ لأنها تتضمن تحقيق المصالح للعباد في دنياهم وآخرتهم، وتدرأ عنهم المفاسد والأضرار.