الجماعة لم يجز قتالهم؛ لأنَّ المقصود حصل وهو رجوعهم إلى طاعة الإمام. هذا ولا شيء على من قاتلهم من إثم أو ضمان أو كفارة؛ لأنَّ الله تعالى أحلَّ قتالهم، وكذلك لا ضمان في إتلاف أموالهم، وكذلك ليس على أهل البغي ضمان ما أتلفوه حال الحرب من نفس أو مال، وبهذا قال الحنابلة والحنفية والشافعي في أحد قوليه، والحجة لهذا القول: السوابق القديمة المحفوظة عن الصحابة الكرام، وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم أجمعين، ولأن للبغاة سائغًا، وفي تضمينهم تنفير لهم عن الرجوع إلى الطَّاعة ولزوم الجماعة، فلا يجوز1.
ب- القصاص والديات
487- والنَّوْع الثاني من أنواع العقوبة في الشريعة الإسلامية: القصاص والديات، وتجب هذه العقوبة في جرائم الاعتداء على النَّفس أو على ما دون النفس، أي: في جرائم القتل والجروح وقطع الأطراف والأعضاء، وقد تجب الكفَّارة أيضًا في جرائم القتل، ونتكلم عن هذه العقوبات بإيجازٍ فيما يلي:
القصاص في جريمة القتل: قتل الجاني، وهو حقٌّ لأولياء القتيل، وهم جميع الورثة من ذوي الأنساب والأسباب عند أكثر الفقهاء، والأصل في وجوب القصاص في النفس قوله -سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} 2 ولوجوب القصاص شروط، منها: أن يكون القتل عمدًا عدوانًا؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "العمد قَوْد"، وأن يكون القتيل معصوم الدم، أي: غير مباح الدم، وأن يكون مكافئًا للقاتل، بمعنى: أنَّ القاتل لا يزيد عليه بحرية أو إسلام، وهذا الشرط عند جمهور الفقهاء خلافًا للحنفية3.