اصول الدعوه (صفحة 23)

دليل الإعجاز:

36- من الواضح الجليِّ المعروف لدى المطَّلعين على التاريخ الإسلامي أنَّ أهل مكة وقريش بالذات قاومت الدعوة الإسلامية الأولى، ولم تعترف أوّل اللأمر بنبوة محمد -صلى الله عليه وسلم، وأنكرت أنه رسول الله، أو أنَّ القرآن كتاب الله، فكان من جملة ما حصل بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين قريشٍ وسائر المخالفين له والمعاندين والمنكرين أنْ تحداهم بالقرآن، بأن قال لهم كما أوحى الله إليه: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} 1، فكست المخالفون عن هذا التحدي، وعجزوا عن كسره أو الإجابة عليه، ثم تحدَّاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن قال لهم ما أوحى الله إليه: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} 2، فسكتوا وعجزوا، ثم تحداهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن قال لهم ما أوحى الله به إليه: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} 3، {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} 4. وكانت نتيجة هذ التحدي المتكرِّر من قِبَل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى قريش وسائر المخالفين، أقول: كانت نتيجة ذلك أن عجز المخالفون عن كسر هذا التحدي، أو عن محاولة الافتراء، واستعمال الصدِّ عن سبيل الله بالقوة والإرهاب والإيخاء لمن معهم بأن لا يسمعوا للقرآن؛ لئلَّا يتأثرون به.

قال تعالى مخبرًا عن أسلوبهم هذا: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} 5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015