الحل ما أمرت به الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} ، فيجب رد المتنازع فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم، كما تقضي به الآية الكريمة وأجمع عليه المفسرون1، فإذا وجد الحكم صريحًا في الكتاب أو السنة وَجَب اتباعه، ولا طاعة لأحد في مخالفته، وإن لم يوجد الحكم صريحًا فأيّ الآراء أشبه بكتاب الله وسنة رسوله عُمِلَ به2.
الأخذ برأي رئيس الدولة:
353- وإذا لم يظهر الرأي الذي هو أشبه بكتاب الله وسنة رسوله، وبقي الخلاف بين رئيس الدولة وبين أهل الشورى، فما الحكم في هذه الحالة؟ الذي نراه ونرجِّحه ترك الأمر إلى رئيس الدولة، فإن شاء أخذ برأي الأكثرية، وإن شاء أخذ برأي الأقلية، وإن شاء أخذ برأيه هو، وإن كان خلاف رأي الأكثرية والأقلية، وقد يبدو قولنا هذا غريبًا؛ لأن الأذهان ألفت الأخذ برأي الأكثرية دائمًا، إلى درجة الاعتقاد بأنَّ الأخذ به ملزم، وأنَّ الخروج على رأي الأكثرية علامة الاستبداد والتعسُّف، إلى آخر ما يقال في هذا المجال، ولكن الحقَّ أحق أن يتبع، فما هي حجتنا فيما قلناه؟ إنَّ حجتنا تتلخَّص بالأدلة الآتية:
أدلة الأخذ برأي رئيس الدولة وإن خالف رأي الأكثرية:
354- أولًا: قال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} ، قال قتادة في تفسير هذه الآية: "أمر الله تعالى نبيه -عليه السلام- إذا عزم على أمرٍ أن يمضي فيه ويتوكّل على الله لا على مشاورتهم"3.
ثانيًا: السوابق القديمة ومنها ما فعله الخليفة الراشد أبو بكر الصديق في جيش أسامة، وفي محاربة المرتدين، وخلاصة القول في جيش أسامة بن زيد، أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أرسله قائدًا على جيشٍ من المسلمين، فيه كبارهم وأبطالهم، وأمره بالتوجّه إلى جهة