اصول الدعوه (صفحة 18)

الألوهية، أي: إفرادالله بالعبادة، وأنَّه وحده هو المعبود الحق الذي لا يستحق غيره ذرة واحدة من العبادة، ولهذا يذكر القرآن المشركين بربوبية الله وانفراده بها، وأنها تستلزم توحيده في الألوهية، وهذا مسلك سديد واضح جليّ لا يجوز إغفاله والاستعاضة عنه بمسالك ملتوية غير مجدية، فمن هذه النصوص القرآنية قوله تعالى:

{أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} 1 {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} 2، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} 3.

فهذه الآيات تذكِّر المشركين بحقيقة واضحة، وهي أنَّ معبوداتهم من دون الله عاجزة لا تستيطع خلق شيء ولو ذبابة، وإن يسلبهم الذباب شيئًا لا يستطيعون تخليصه منه، كيف يجوز في العقل السليم أن يعبد غير الله، ويسوي مع الله في العبادة وهو الخالق وحده، وما سواه عاجز ضعيف مخلوق؟

ويحاجج القرآن المشركين ذاكرًا لهم أنَّ ما يعبدونهم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، ولا يشاركون الله تعالى في ذرةٍ في السماوات ولا في الأرض، وليس لله بمعبوداتهم البالطة حاجة ولا أيّ عون، وإذا كان الأمر كذلك كما يرون فيجب عليهم إخلاص العبادة لله تعالى. قال الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} 4.

والقرآن يقرر بعض الحقائق التي يعترف بها المشركون، وهي أنَّ الله هو مالك السماوات والأرض والمتصرِّف فيها، وهو الذي يجير المستجيرين به، فيجب إذَنْ أن يعبدوا الله دون غيره، قال تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ، قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ، قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015