110 - وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - أن رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم قال:
«ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم» .
ـــــــــــــــــــــــــ
110 - رواه البخاري كتاب الاعتصام (13 / 251) (رقم: 7288) ، ومسلم كتاب الفضائل (4 / 1831) (رقم: 1337) ، وأيضا مسلم (4 / 1831) ، ورواه مسلم (4 / 1830) .
قال الحافظ في "الفتح" (13 / 260) :
والمراد بهذا الأمر ترك السؤال عن شيء لم يقع خشية أن ينزل به وجوبه أو تحريمه، وعن كثرة السؤال لما فيه غالبا من التعنت، وخشية أن تقع الإجابة بأمر يستثقل فقد يؤدي لترك الامتثال فتقع المخالفة. . . ولا تكثروا التنقيب عن ذلك لأنه قد يفْضِي إلى مثل ما وقع لبني إسرائيل إذ أمروا أن يذبحوا بقرة فلو ذبحوا أي بقرة كانت لامتثلوا ولكنهم شددوا فشدد عليهم.
وقال الحافظ: والتحقيق أن الأمر باجتناب المنهي على عمومه، ما لم يعارضه إِذْن في ارتكاب منهي كأكل الميتة للمضطر.
وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم:
قال النووي: هذا من جوامع الكلم وقواعد الإسلام، ويدخل فيه كثير من الأحكام كالصلاة لمن عجز عن ركن منها أو شرط فيأتي بالمقدور وكذا الوضوء وستر العورة. . . إِلى غير ذلك من المسائل التي يطول شرحها.
وقال غيره: من عجز عن بعض الأمور لا يسقط عنه المقدور، وعبر عنه الفقهاء بأن الميسور لا يسقط المعسور كما لا يسقط ما قدر عليه من أركان الصلاة بالعجز عن غيره.
قال الحافظ (263) : إنما هلك من كان قبلكم تكثير مسائلهم. . .
قال البغوي في "شرح السنة":
المسائل على وجهين: أحدهما: ما كان على وجه التعليم لما يحتاج إليه من أمر الدين فهو جائز بل مأمور به لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} الآية، وعلى ذلك تتنزل أسئلة الصحابة عن الأنفال والكلالة وغيرهما، وثانيهما: ما كان على وجه التعنت والتكلف وهو المراد في هذا الحديث واللَّه أعلم.
وقال ابن العربي: كان النهي عن السؤال في العهد النبوي خشية أن ينزل ما يشق عليهم، فأما بعد فقد أمن ذلك، لكن أكثر النقل عن السلف بكراهية الكلام في المسائل التي لم تقع.