ووصفه بالبعد في الضلال. فدل ذلك أن الإيمان بالملائكة ركن عظيم من أركان الإيمان وأن تركه مخرج من الملة.
وقد دلت السنة كذلك على هذا. وهو ما جاء موضحًا في حديث جبريل المشهور الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. قال: صدقت. قال: فعجبنا له، يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر. وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. قال: فأخبرني عن أماراتها؟ قال: أن تلد الأمة ربَّتها. وأن ترى الْحُفاة العُراة، العَالة، رِعاءَ الشاء، يتطاولون في البنيان. قال: ثم انطلق فلبثت مليًّا ثم قال لي: يا عمر! أتدري من السائل؟ قلتَ: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه جبريل، أتاكم يعلمكم دينكم» (?) .
فهذا حديث عظيم اشتمل على أصول الدين ومراتبه كلها وهو منهج