الباب الأول: الإيمان بالله إن الإيمان بالله عز وجل هو أهم أصول الإيمان، وأعظمها شأنا، وأعلاها قدرا، بل هو أصل أصول الإيمان، وأساس بنائه، وقوام أمره، وبقية الأصول متفرعة منه، راجعة إليه، مبنية عليه. والإيمان بالله عز وجل هو الإيمان بوحدانيته سبحانه في ربوبية، وألوهيته، وأسمائه وصفاته، فهذه أصول ثلاثة يقوم عليها الإيمان بالله، بل إن الدين الإسلامي الحنيف إنما سمي توحيدا لأن مبناه على أن الله واحد في ملكه وأفعاله لا شريك له، وواحد في ذاته وأسمائه وصفاته لا نظير له، وواحد في ألوهيته وعبادته لا ندَّ له.
وبهذا يعلم أن توحيد الأنبياء والمرسلين ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: توحيد الربوبية، وهو الإقرار بأنَّ الله تعالى رب كلّ شيء ومليكُه وخالقُه ورازقُه، وأَنه المحيي المميتُ النافعُ الضار، المتفرِّدُ بالإجابة عند الاضطرار، الذي له الأمر كله، وبيده الخير كله، وإليه يُرجع الأمرُ كله، لا شريك له في ذلك.
القسم الثاني: توحيد الألوهية، وهو إفراد الله وحده بالذلِّ والخضوع والمحبَّة والخشوع والركوع والسجود والذبح والنذر، وسائر أنواع العبادة لا شريك له.
القسم الثالث: توحيد الأسماء والصفات، وهو إفراد الله تعالى. بما سمى ووصف نفسه في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وتنزيهه عن النقائص والعيوب ومماثلة الخلق فيما هو من خصائصه والإقرار بأنَّ الله بكلِّ شيء عليم، وعلى كلِّ شيء قدير، وأنَّه الحيُّ القيُّوم الذي لا تأخذه سِنة ولا نوم، له المشيئة النافذة والحكمة البالغة، وأنَّه سميع بصير، رؤوف رحيم، على العرش استوى، وعلى الملك احتوى، وأنَّه المَلِك القدوس السلام المؤمن