والقدر أمران متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر لأن أحدهما بمنزلة الأساس وهو القدر، والآخر بمنزلة البناء وهو القضاء فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه) .

والقضاء والقدر إذا اجتمعا في الذكر افترقا في المعنى فأصبح لكل منهما معنى يخصه، وإذا افترقا في الذكر دخل أحدهما في معنى الآخر. ذكر ذلك بعض أهل العلم.

الأدلة على إثبات القدر: الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان وقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على إثباته وتقريره.

فمن الكتاب قول الله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] (القمر: 49) ، وقوله تعالى {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] (الأحزاب: 38) ، وقوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2] (الفرقان: 2) .

وأما السنة فقد دلت كذلك على إثبات القدر في أحاديث كثيرة منها حديث جبريل وسؤاله للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم عن أركان الإيمان فذكر منها: «الإيمان بالقدر خيره وشره» وقدم تقدم الحديث بنصه في مبحث الملائكة. وروى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم يقول: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وقال: وكان عرشه على الماء» (?) .

والإيمان بالقدر محل إجماع الأمة من الصحابة ومن بعدهم. أخرج مسلم في صحيحه عن طاوس أنه قال: (أدركت ناسا من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015