هذا قول أبي عبيد ...
قال أبو محمد: (?) وقد تدبرتُ هذا فرأيتُ لَفْظ الحديث يدلّ أنه أراد لا شُفْعةَ في نفْس البئر والفَحْل. ولو أراد ما ذَهَبَ إليه [أَبو عبيد] (?) لكان أوْلَى بالمعنى أنْ يقول: لا شُفْعة ببئر ولا فحْل. وما أنكر مع هذا أنَّ لفظ الحديث قد يحتمل ما تأوَّل على الحِيلة وطَلَب المخرج. وإنَّما يحتاج إلى ذلك في الموضع الذي يخالف ظاهر لفظ الحديث فيه مذاهب الفقهاء. وهذا الحديث مسْتغنٍ عن ذلك. وإنَّما أراد البئر تكون بين قوم. فإذا باع أحدهم حصّته منها لم يكن لشركائه فيما باع شفعةً، وكان لمن اشتراه. وكذلك الفَحْل من النَّخْل يكون بين قوم وإنَّما مَنَع الشفْعة في البئر والفَحْل. لأنَّهما لا يحتملان القسم.
وكذلك كلّ شيء لا يحتمل القَسْم فلا شُفْعة فيه. مثل الثوب والعَبْد والحَبَّة من الجوهر. يدلّك على ذلك قول (?) مالك: "لا شُفْعة عندنا في عبد ولا وليدة ولا شيء من الحيوان. ولا ثوب ولا بئر. وتقع فيه الحدود من الأرض والدُّور".
فأمَّا ما لا تصلح (?) فيه القِسْمة فلا شُفْعة فيه. والبئر التي لا بياض لها هي: المنفردة تكون لقوم وليس لهم إلى جانبها أرض. فإذا كانت كذلك لم تحتمل القَسْم. ولو كان لها أرض وهي بينهم، ثم باع أحدهم حصَّته منها ومن الأرض، كان لشركائه الشفْعة. لأنَّ الأرض تحتمل القسم فتتبعها (?) البئر.