على العجل إلى المارستان ويعود إليه فيقف مع الصناع حتى لا يتوانوا في عملهم وأوقف مماليكه بين القصرين فكان إذا مر أحد ولو جليلا ألزموه إن يرفع حجرًا ويلقيه في موضع العمارة فينزل الجندي والرئيس عن فرسه حتى ينقل ذلك فترك أكثر الناس المرور من هناك ورأوا بعد الفراغ من العمارة وترتيب الوقف فتيا صورتها:
"ما تقول أئمة الدين في موضع أخرج أهله منه كرها وعمر بمستحثين يعسفون الصناع وأخرب ما عمره غيره ونقل إليه ما كان فيه فعمر به هل تجوز الصلاة فيه أم لا؟ ".
فكتب عليها جماعة من الفقهاء: "لا تجوز فيه الصلاة".
فما زال المجد بن الخشاب حتى أوقف الشجاعي على ذلك فشق عليه وجمع القضاة ومشايخ العلم بالمدرسة المنصورية وأعلمهم بالفتيا فلم يجبه أحد منهم بشيء سوى الشيخ محمد المرجاني فإنه قال: "أنا أفتيت بمنع الصلاة فيها وأقول الآن أنه يكره الدخول من بابها" ونهض فانفض الناس.
واتفق أن الشجاعي ما زال بالشيخ محمد المرجاني يلح عليه ويسأله أن يعمل ميعاد وعظ في المدرسة المنصورية حتى أجاب بعد تمنع شديد فحضر الشجاعي والقضاة وأخذ المرجاني في ذكر ولاة الأمور من الملوك والأمراء والقضاة وذم من يأخذ الأراضي غصبًا ويستحث العمال في عمائره وينقص من أجورهم وختم بقوله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا، يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا} وقام فسأله الشجاعي الدعاء له فقال: يا علم الدين إن أدع لك فقد دعا عليك من هو خير مني وذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق به فارفق به، ومن شق عليهم فشق عليه" 1 وانصرف فصار الشجاعي من ذلك في قلق عظيم وطلب الشيخ تقي الدين محمد