الأحايين ومن ذلك لغط بعض العامة في مسألة علمية لا تبلغها مداركهم مهما حاولوا وقعت في أيامنا وذلك أن جامع المصلى تداعت أركانه فقام الناظر ورغب في أن يقوم منآده، بيد أنه لما رأى سمت القبلة منحرفًا بعض الانحراف كما أخبره بذلك بعض البارعين في علم الهيئة أحب أن يرفع الجدار القبلي طبق ما يدعو إليه العلم فثارت ثائرة بعض العامة تطلب إعادة القديم على شكله بدعوى أن هذا الجامع عمري وأن الصحابة ولت وجوهها شطر هذه القبلة على حين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يقدم دمشق وغاية الأمر أنه وصل مرتين لمدينة الجابية -قاعدة حوران في عهده- الواحدة لفتح بيت المقدس عام "16" والأخرى لتجنيد وتمصير الأمصار عام "18" ومن العجيب أن مثل هذا الشغب وقع في عهد الإمام السبكي أيام توليه قضاء دمشق فقد ذكر في فتاويه الكبيرة أنه لما عرف كثرة انحراف جامع "جرّاح" تطوع جماعة من أهل الخير من أموالهم بما يعمر به ويجعل قبلته صحيحة فأراد أن يجعلها على الوضع الصحيح الذي تشهد له أدلة القبلة المسطورة في كتب أهل هذا العلم فبلغ أحد المتفقهة وبعض العوام إنكار ذلك فأوضح رحمه الله أن مثل هذه المباحث مردها إلى أهلها كما قال إمام الحرمين: قد ألف ذوو البصائر في ذلك كتبًا فتطلب أدلة القبلة من كتبهم. ثم قال السبكي أفلا يستحيي من ينكر الرجوع إليها بجهله وعدم اشتغاله وظنه أنه من أهل الفقه وأن الفقه يخالفها، أما يستحيي من الإنكار على العالمين بعلوم الشريعة وغيرها ومن ظنه أنه على الصواب دونهم، أما يستحيي الفريقان من الكلام فيما لم يحيطوا بعلمه ومن نسبتهم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه دخل دمشق ولم يدخل عمر بن الخطاب دمشق وإنما وصل إلى الجابية القرية التي بحوران. ثم قال: فمن يترك الأدلة المحققة وكلام العلماء في ذلك لمجرد هذه الأمور حقيق بأن لا يعبأ به: ثم أغرق الإمام السبكي في هذه المسألة وساق كلامًا مطولا عن إمام الحرمين والرافعي ثم قال: وجامع جراح إنما يقصد هدمه -يعني في زمانه- لإقامة القبلة على الحق فإذا هدم وجعل على القبلة التي يدل العلم عليها كان على الحق. ولا يجوز تضييع