الكراسة التي يعالج بها الأمة فهذا يدل على أن القوم يعملون على ما في وجدانهم لهذه الأمة خادعين أنفسهم بتسليم أعمال سلفهم. ومن قائل إن عدوا من أعداء الدين الإسلامي أراد أن يشكك المسلمين فيه فدخل عليهم من جهة تعظيمه فأوحى إلى قوم من متعالميه السابقين أن يعظموا من شأنه ويرفعوا من قدره حتى يجعلوه فوق ما جاءت له الأديان فيدعون كشف نوائب الأيام بتلاوة أحاديث خير الأنام ويروجون ما يقولون بأنه جرب وأن من شك فيه فقد طعن في مقام النبوة حتى إذا رسخت هذه العقيدة في الناس وصارت ملكة دينية راسخة عند العوام وجربوها فلم تفلح وقعوا والعياذ بالله في الشك وأصابهم دوار الحيرة كما حصل ذلك على أثر واقعة التل الكبير من كثير من الذين لم يتذوقوا الدين من المسلمين حتى كانوا يسألون عن قوة البخاري الحربية ونسبته إلى البوارج ساخرين منه ومن قارئيه، ولولا وقوف أهل الفكر منهم على أن هذا العمل ليس من الدين وأن القرآن يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} إلخ لضلوا وأضلوا. وقد جرأ هذا الأمر غير المسلمين على الخوض في الدين الإسلامي وإقامة الحجة على المسلمين من عمل علمائهم ولا حول ولا قوة إلا بالله. ويقول قوم: إن التقليد بلغ بالعلماء مبلغًا حرم على العقول النظر في عمل السلف وإن كذبته العينان. وخالف الحس والوجدان، ويقول آخرون ممن لا خبرة لهم بهمة العلماء في مثل هذه الكوارث أما كان ينبغي لهم أن ينبثوا في المساجد والأندية والولائم حاثين الناس على الوقاية من العدوى معضدين الحكومة في تسكين سورة الأهلين مفاوضين الصحة في فتح المساجد وتعهدها بالنظافة فإن هذا يرتبط بهم أكثر مما يرتبط بوفد أعيان القاهرة جزاه الله خير الجزاء، فإن أعوزهم البيان وخلب القلوب بذلاقة اللسان، فلا أقل من أن يؤلفوا رسالة في فهم ما ورد متشابهًا في موضوع العدوى حتى يعلم الناس أن الوقاية من الداء مأمور بها شرعًا وعقلًا وسياسة فيكون كل فرد عارف عضدًا للحكومة ولو طلبوا من الصحة طبع ما ألفوا وتوزيعه على المصالح والنواحي للبت ذلك شاكرة وكان لهم الأثر النافع؛ هذا ما يقوله القوم في شأن علمائهم نرفعه إليهم ليكونوا