على الفروع المختلف فيه ناهجًا منهج التيسير المعروف من الأصول الصحيحة وبقدر تمكنه من ذلك ووفور عقله بقدر أخذه بيد الناس إلى الصواب وهدايتهم إلى السنن القويم فمن أهم واجباته أن ينتقي من الكتب التي يقرؤها عليهم ما يجمع بين العبادات والمعاملات والأخلاق جمعًا مجردًا عن شوائب الواهيات والضعاف والخرافيات والمسائل الفرضيات والغرائب الفضوليات والتي بطلت ببطلان صفة الزمان أو المكان وذلك لأن رواية الأحاديث الضعيفة كما ذكره الإمام مسلم في مقدمة صحيحه محظورة وأن راويها غاش آثم، وفي محكم الكتاب وصحاح السنة كفاية عن تقحم أبواب الواهيات من الآثار والنقول على الرسول الأكرم صلوات الله عليه، وليس الدين في حاجة إليها لإكماله ولا للترغيب ولا للترهيب كما زعمه الوضاعون عليهم ما يستحقون، فإن أصل الكتاب الكريم لم يفرط فيه من شيء كما نطقت بذلك آيات ذكره الحكيم، وقد صرح أئمة المصطلح بأنه لا يجوز في الحديث الضعيف أن يقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما الخرافيات وهي كل حكاية لا يقبلها العقل السليم وينبذها العلم الصحيح فلا يجوز قصها على العامة لا لترويح النفس ولا للإغراب فضلًا عن الاعتقاد بصحتها وربما يعتذر بعضهم بأنها مروية في كتاب كذا ولا يخفى عليك أنه ليس كل ما دون مما يسوغ ذكره وليس كل تأليف متمخضًا للصحيح من الأنباء فقد حشيت التفاسير وكتب السير وأسفار الوعظ والرقائق وكثير من الشروح والحواشي من الأقاصيص الموضوعة والحكايات الملفقة والمسائل المولدات ما لا يحصيه قلم كاتب. فالواجب إذن على المتصدي للتدريس أن يعرض عنها جانبًا ويهذب درسه للصحيح من الأصوال والمهم من الفروع وإلا فإنه يكون جنى على الدين جناية لا تغتفر1.