يحتج بعض الناس في دمشق على جواز هذه البدع واستحسانها بكونها موجودة في جامع بني أمية -وهو شيخ الجوامع في الشام- وبكون مدرسيه الماضين سكتوا عليها، وهذه حجة فاشية في كثير من الأمور التي تساهل بها أهل النفوذ الماضون فترى العامي إذا ليم على بدعة وأرشد إلى الصواب فيها يستدل بفعل شيخه أو العالم الفلاني أو المكان الفلاني أو البلدة الفلانية أو من يعتقده ويزعم أنها مشروعة أو حسنة بسبب ذلك. وكل ذلك غرور فإن فعل المشايخ أو إقرارهم ليس بحجة شرعية إذ الشرعية كتاب الله وسنة رسوله المعصوم وما عداه صلى الله عليه وسلم فليس بمعصوم ولو كان فعل غيره حجة على الدين لوقع الخلل في الشريعة بسببه فكل من استحسن شيئًا وفعله أو كره شيئا وتركه يقع الاقتداء به فيكون ذلك نسخًا للدين "نعوذ بالله" والشريعة المطهرة قد عصمت من التغيير والتبديل بنقل التنزيل الكريم والهدي النبوي القديم. فكل من أتى بشيء مخالف لما أمر به فهو مردود عليه محجوج بهما وبالجملة فلا يصح الاقتداء بأحد كائنًا من كان لا بقوله ولا بفعله ولا بسكوته حيث كان مخالفًا للسنة وإن الأمكنة لا دخل لها في تشريع الأحكام وإن كانت فاضلة. ثم ما يدرينا أن من كان فيها من العلماء سكت عنها سهوًا أو نسيانًا أو عدم تفكر أو خوفًا من الرعاع أو ضعفًا. نعم أرباب النفوذ لا أرى لهم عذرًا لأن الأمر بيدهم والسنة لديهم، وأرى أن الجامع الأموي في دمشق ومثله كل جامع كبير في غيرها من البلاد متى صلح من البدع صلحت سائر الجوامع فليحرص على إصلاحه زعماؤه والله متولي معونتهم برحمته.