قال الإمام ابن الحاج: ينبغي أن يمنع من يرفع صوته في المسجد في حال الخطبة وغيرها لأن رفع الصوت في المسجد بدعة لما ورد عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وخصوماتكم وبيعكم وشرائكم وسل سيوفكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وجمروها أيام جمعكم"1.
وقال أيضًا: ينبغي أن ينهى الذاكرون جماعة في المسجد قبل الصلاة أو بعدها أو في غيرهما من الأوقات لأنه مما يشوش بها. وفي الحديث "لا ضرر ولا ضرار" 2 فأي شيء كان فيه تشويش منع.
وقال ابن حجر في فتاويه: قال الزركشي: السنة في سائر الأذكار الأسرار إلا التلبية. وقال الأذرعي: حمل الشافعي رضي الله عنه أحاديث الجهر على من يريد التعليم. وفي "العباب": ويسن الدعاء والذكر سرًّا ويجهر بهما بعد سلام الإمام لتعليم المؤمنين فإذا تعلموا أسروا.
وفي "الجامع الكبير" عن ابن المبارك عن عبيد الله بن أبي جعفر3 أرسله إلى النبي صلى الله عليه وسلم: من أجاب داعي الله وأحسن عمارة المساجد قال: لا يرفع فيها صوت ولا يتكلم فيها برفث4. وروى الترمذي والنسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رأيتموه ينشد شعرًا في المسجد فقولوا فض الله فاك ثلاثًا، من رأيتموه ينشد ضالة في المسجد فقولوا لا وجدتها ثلاثًا، ومن رأيتموه يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك5".
فما أحق هؤلاء المنشدين للقصائد الملحونة والموشحات المحرفة بتلك الزعقات المؤلمة والصيحات المهولة بالدعاء النبوي المذكور عليهم إذ الأمر فيه إن لم يكن للوجوب فللندب وإذا كان من يرفع صوته لحاجة مهمة كضالة