وقال المُزني صاحب الإمام الشافعي:
" وقد اختلف أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فخطَّأ بعضهم بعضاً، ونظر بعضهم
في أقاويل بعض وتعقَّبها، ولو كان قولهم كله صواباً عندهم؛ لما فعلوا ذلك،
وغضب عمر بن الخطاب من اختلاف أُبي بن كعب وابن مسعود في الصلاة
في الثوب الواحد؛ إذ قال أُبي:
إن الصلاة في الثوب الواحد حسن جميل. وقال ابن مسعود:
إنما كان ذلك والثياب قليلة. فخرج عمر مغضباً، فقال:
اختلف رجلان من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ممن ينظر إليه، ويؤخذ عنه!
وقد صدق أُبَيّ، ولم يَأْلُ ابن مسْعود، ولكني لا أسمع أحداً يختلف فيه بعد
مقامي هذا؛ إلا فعلت به كذا وكذا " (?) .
وقال الإمام المُزَني أيضاً:
" يقال لمن جوَّز الاختلاف، وزعم أن العالِمَيْن إذا اجتهدا في الحادثة؛ فقال
أحدهما: حلال. والآخر: حرام. أن كل واحد منهما في اجتهاده مصيب الحق:
أَبِأَصْلٍ قلتَ هذا، أم بقياس؟ فإن قال: بأصل. قيل له:
كيف يكون أصلاً، والكتاب ينفي الاختلاف؟! وإن قلت: بقياس. قيل:
كيف تكون الأصول تنفي الخلاف، ويجوز لك أن تقيس عليها جواز
الخلاف؟! هذا ما لا يجوّزه عاقل؛ فضلاً عن عالم " (?) .
فإن قال قائل: يخالف ما ذكرتَه عن الإمام مالك أن الحق واحد لا يتعدد