فحسبي أنني معتقد إن ذلك هو الطريق الأقوم، الذي أمر الله تعالى به المؤمنين،
وبيَّنه نبينا محمد سيد المرسلين، وهو الذي سلكه السلف الصالح من الصحابة
والتابعين ومن بعدهم، وفيهم الأئمة الأربعة - الذين ينتمي اليوم إلى مذاهبهم
جمهور المسلمين -، وكلهم متفق على وجوب التمسك بالسنة، والرجوع إليها، وترك
كل قول يخالفها، مهما كان القائل عظيماً؛ فإن شأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعظم، وسبيله أقوم.
ولذلك فإني اقتديت بهداهم، واقتفيت آثارهم، وتبعت أوامرهم
بالتمسك بالحديث؛ وإن خالف أقوالهم، ولقد كان لهذه الأوامر أكبر الأثر في
نهجي هذا النهج المستقيم، وإعراضي عن التقليد الأعمى. فجزاهم الله تعالى
عني خيراً.
ومن المفيد أن نسوق هنا ما وقفنا عليه منها أو بعضها، لعلَّ فيها عظةً
وذكرى لمن يقلدهم - بل يقلد من دونهم بدرجات - تقليداً أعمى (?) ، ويتمسك
بمذاهبهم وأقوالهم؛ كما لو كانت نزلت من السماء، والله عزَّ وجلَّ يقول: {اتَّبِعُوا
مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُم مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 3] .
فأولهم الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله، وقد روى عنه
أصحابه أقوالاً شتى، وعبارات متنوعة؛ كلها تؤدي إلى شيء واحد وهو:
وجوب الأخذ بالحديث، وترك تقليد آراء الأئمة المخالفة له: