لا يجد مندوحة عنه، متقيداً في اجتهاداته بمبادئه التي شرحها، فهو منهج "جامع بين النظر والأثر، ولكنه بمراعاة الأثر أعلق" (?)، "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وكل ما لم يوافق ذلك فاتركوه" (?).
هذا المنهج سواء صرح به في موطئه، أو ضمنه إياه، يكفي لتوضيح الأسس الأصلية الأصيلة للمذهب كما يراها المؤسس، ويرسم خطوطاً واضحة المعالم لتلاميذه، وعلماء المذهب بعد؛ ليضعوا بالتفصيل أصول المذهب، وقواعده الاستنباطية، وما تواصلوا إليه من استقرائهم لآراء الإمام، وفتاويه، ومفاهيم تلاميذه، وتخريجاتهم.
ومن ثم فقد قام علماء المذهب بحصر أصول المذهب وترتيبها، بل وتوسعوا في ذلك توسعاً أدى إلى اعتبار مذهب مالك أكثر المذاهب أصولاً (?)، فقد قيل: إنها تصل إلى خمسمائة وهي لا تقل عن تسع (?)، وإن كانت عند أكثر العلماء ستة عشر أصلاً (?).