والنص واضح الدلالة في اعتماد ما قاله ابن القاسم من عالمين جليلين، مصري وتونسي، بل وتلقي ذلك بالقبول من جماعة ثقات لهم عناية بالحديث، ورغم أن الرواية جاءت في معرض تقديم رواية ابن القاسم للموطأ ... إلا أنها في مجال التطبيق الفقهي أشهر منها في مجال الحديث.

والمدرسة العراقية رغم اعتمادها على روايات ابن عبد الحكم لم تهمل المدونة أو تتركها. يقول الأبهري: "قرأت مختصر ابن عبد الحكم خمسمائة مرة، والأسدية خمساً وسبعين مرة، والموطأ خمسة وأربعين مرة" (?)، بل إن سماعات ابن القاسم وآراءه لم تلبث أن أضحت هي الراجحة؛ حيث إن القاضي عبد الوهاب - زعم الفقهاء العراقيين في وقته - "رجح مسائل المدونة؛ لرواية سحنون لها عن ابن القاسم، وانفراد ابن القاسم بمالك، وطول صحبته، وأنه لم يخلط غيره إلا في شيء يسير" (?).

وهو ترجيح يعود بالمدرسة العراقية لتلتقي التقاءً وثيقاً بالمدارس المالكية الأخرى في اعتماد أقوال ابن القاسم.

ظلت هذه القاعدة هي المعتمدة بين فروع المدارس المالكية، ولكن ذلك لا يعني أنها لا تخضع للتطوير، بل إن ما تقدم ذكره من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015