وما جانسها، فاقتدرا منها على ما أراداه، وألَّفا كتاب الاستيعاب الكبير، في مائة جزء، بلغا فيه النهاية" (?). والكتاب بهذا المنهج الذي يرسمه النص يقدم لنا - ولا شك - نموذجاً فريداً لزوال المنحى الانفرادي في السماعات المعتمدة، أو يقدم على الأقل دليلاً على اتساع الأفق الفكري المذهبي في المدرسة الأندلسية.
من الشواهد على مدى التأثير الفكري المتبادل بين المدارس المالكية في ميدان المرويات والسماعات نتيجة هذه العوامل الاتصالية، أن ابن أبي زيد - إمام المدرسة القيروانية، ومؤلف الرسالة - "لما فرغ من تأليفها كتب منها نسختين وبعث بواحدة منها إلى أبي بكر الأبهري، [إمام المالكية] ببغداد، فأظهر الفرح بها، وأشارع خبرها بين الناس وأثنى عليها وعلى مؤلفها، وأمر ببيعها؛ ليحسن بثمنها إلى الواصل بها، فبيعت بمائتي دينار دراهم. فقال: لا تباع إلا وزناً بوزن، ففعل ذلك، فجاء وزنها ثلاثمائة دينار، ونيفاً" (?)، ولم يقف الاهتمام بهذا الكتاب عند التقدير المادي، بل تجاوزه إلى التعبير عن الإعجاب العلمي، فألف الأبهري تأليفاً سماه