حدثت في عهودهم، فكان كل مجتهد منهم يمثل مدرسة جامعة: في الأندلس، وفي المغرب العربي، وفي عدد من أصقاع الأمة، ولم يقتصر دورهم على طرح الحلول للقضايا المعاصرة لهم، بل كانوا يستشرفون أزمنة غير زمانهم، فيتصورون ما قد يحدث من قضايا، ثم يعالجونها بروح العصر الذي تحدث فيه.
ورغم ما حدث في الأندلس من حوادث، ورغم ما تعرضت له بلاد المغرب العربي في السنين الغابرة من غزو وأزمات، فقد بقيت "ظلال" هذه المدارس بمثابة القلاع المنيعة ضد تلك الأزمات، فكان موطأ الإمام مالك، ومؤلات فقهاء المذهب المالكي أركان هذه القلاع" (?).
اقتضى منهج هذا البحث "اصطلاح المذهب عند المالكية" تقسيمه إلى أقسام ثلاثة، يمثل كل قسم دوراً من الأدوار التي مر بها اصطلاح المذهب، وكل دور يتميز بخصائصه العلمية؛ آراءً وتأليفاً؛ هذه الأقسام هي:
1 - دور النشوء: مرحلة تأسيس المذهب ووضع أصوله وقواعده من قبل مؤسسه، ثم تلاميذه الذين تابعوا السير قدماً على خطوات