للباحثين أنموذجاً رفيعاً في هذا الفن من فنون الفقه عرضاً، وتقريراً، وحواراً، استدلالاً" (?).
وإذا قدم لنا الإمام الشافعي أنموذجاً مثالثاً لعلم الخلاف، (الفقه المقارن)، بحثاً، وتطبيقاً، فقد قدم الإمام أبو حنيفة أنموذجاً آخر لهذا العلم، ولكنه في مجال تدريس الطلاب وتمرينهم لتكوين ملكاتهم في هذا الفن.
"وطريقة أبي حنيفة في تفقيه أصحابه أنه كان عند مدارسته المسائل مع أصحابه يذكر احتمالاً في المسألة، فيؤيده بكل ما له من حول، وطول، ثم يسائل أصحابه أعندهم ما يعارضونه به؟ فإذا وجدهم مشوا على التسليم، بدأ هو بنفسه ينقض ما قاله أولاً، بحيث يقتنع السامعون بصواب رأيه الثاني، فيسألهم عن ما عندهم في الرأي الجديد، فإذا رأى أنه لا شيء عندهم أخذ يصور وجهاً ثالثاً، فيصرف الجميع إلى هذا الرأي الثالث، وفي آخر الأمر يحكم لأحدها بأنه هو الصواب بأدلة ناهضة" (?).