حدثنا أبو أيوب سليمان بن داود المهلبي قال حدثني القاسم بن محمد ابن عباد عن أبيه قال كان المأمون أشد الناس حباً لأخيه أبي عيسى وكان يعده للأمر بعده، ويذاكرني ذلك كثيراً، وسمعته يوماً يقول إنه ليسهل على أمر اَلموت وفقد اَلملك، وما يسهل شيء منهما على أحد، أن يلي الأمر بعدي أبو عيسى لشدة محبتي لذلك.
حدثنا أبو العيناء محمد بن القاسم قال حدثنا محمد بن عباد المهلبي قال لما مات أبو عيسى بن الرشيد دخلت إلى المأمون وعلى عمامتي فخلعت عمامتي، ونبذتها ورائي، والخلفاء لا تعزي في العمائم، ودنوت فقال لي يا محمد حال القدر، دون الوطر فقلت يا أمير المؤمنين كل مصيبة أخطأتك شوًى، فجعل الله الحزن لك لا عليك.
حدثنا عبد الله بن المعتز قال كان أبو عيسى بن الرشيد أديباً ظريفاً، وكان إذا عمل بيتين وثلاثة وجودها وملحها، فن شعره:
لسانِي كَتُومٌ لأَسْراِرِهمْ ... وَدَمْعِي نَمومٌ بِسرِّي مُذِيعُ
فَلَوْلاَ دُموِعي كَتَمْتُ الَهَوى ... وَلَوْلاَ الهَوَى لَمْ تْكُنْ لِي دُموعُ
حدثنا ابن فهم قال حدثنا جعفر بن علي بن الرشيد أن المأمون أفطر في يوم شك، وأمر القواد بالإفطار، فكتب إبراهيم بن المهدي إلى أبي عيسى وقد حصل له عنده خمسا من حذاق المغنيات:
قَدْ تَغَذَّى المِلَكُ الْ ... مأْمُونُ مِنْ قَبْلِ الزَّواِل
وَدَعَا بِالرَّاح إذْ ... صَحَّ لَهُ فَقْدُ الهِلالِ