ومما أنشده له ابن المعتز بيت واحد؛ ولم أسمع له منه غيره:
سَيِّدِي أَنْتَ أَحْسَنُ الَبرِيَّةِ وَجْهاً ... فَلْتَكُنْ أَحْسَنَ الْعِبِاد فَعالاَ
وكان عبد الله بن المعتز يزعم أن شعر هذا كثير، ولكنه كان لا يظهره، ووجدت من شعره:
وَغَزالٍ أَعطاهُ مَليكُ الْقُلُوبِ ... لَحْظَ عَيْنٍ تُحِلُّ كَسْبَ الذُّنوبِ
أَنا مِنْهُ مُرَوَّعٌ كُلَّ يَوْمٍ ... بِوعِيدٍ أَوْ هَجْرَةٍ أَوْ مَغِيبِ
يا دَواِئي إذا تَطاوَلَ دائِي ... وَطَبِيِبي إذا فَقَدْتُ طَبيِبِي
أَنْتَ أَجْرَيْتَ دَمْعَ عَيْنِيَ بِالْ ... هَجْرِ وَعَلَّمْتَنِي لِحاظَ المُرِيِبِ
كان عيسى من أفضل أولاد المتوكل نفساً وعلماً وعقلاً وديانة، وكان له درس معروف من القرآن في كل يوم وليلة، لا يخليه ولا يشتغل عنه، وكان يعني بصلاة القيام، حتى يقال إنها ما فاتته قط.
حدثنا إبراهيم بن عبيد الله قال لما أوقع بالمهتدي وجعل في دار سمع ضجة الناس وتكاثرهم، فقال ما هذا؟ قالوا بايع الناس أحمد بن المتوكل. قال ابن فتيان؟ قالوا نعم، قال ويل لهم فهلا أبا عيسى، فإنه كان أقوم بحق الله. وكان أبو عيسى قد سمع حديثاً كثيراً، وعرف شيئاً من الفقه، وكان يلزمه جماعة من العلماء لا يفارقونه، وله شعر قليل أكثره في الزهد.