. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
غفلة عن سياق الحديث الصريح بأن المراد بهم الصحابة. (نعم ولكم) أى واستغفر لكم، وما قيل: إن جعله إخبارا أظهر، فهو غير صحيح، بل الأظهر فيه فضلا عن كونه أظهر إذ لو كان إخبارا لخلا قوله صلى الله عليه وسلم نعم من الفائدة، وما قيل: إن نعم قد يقال لتصديق لازم الإخبار فى مقابلته، فبعيد لا يعول عليه. (ثم تلا) أى هو والنبى صلى الله عليه وسلم، والثانى: معناه ظاهر، وكذا الأول لأنهم لما خصصوه بالدعاء له بيّن لهم أنه يستغفر لكل أمته، بدليل أنه أمر بذلك فى الأمة، وقد علم من شأنه، أنه يبادر إلى فعل المأمور به ما أمكنه. (لذنبك) هو من المشابهة نحو لِيَغْفِرَ لَكَ اَللهُ ماتَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَماتَأَخَّرَ (?) مما اختلف المقصود لنفى تأويله، فقال ابن عباس: إنك مغفور لك، غير مؤاخذ بذنب إن لو كان، وقال غيره: المراد ما كان من سهو أو غفلة، أو ما تقدم لأبيك آدم مما يشبه الذنب، وما تأخر من ذنوب أمتك، أو ذنوب أمته فقط، والمراد بالذنب، ترك الأولى، كما قيل: حسنات الأبرار، سيئات المقربين، وترك الأولى، ليس بذنب فى الحقيقة، لكنه مشابه له بالنسبة إلى مقام الكمّل فى ندرة وقوعه منهم، ولقد حقق السبكى هذا المقام بما حاصله: أن الآية لا تحتمل إلا وجها واحدا، وهو تشريفه صلى الله عليه وسلم من غير أن يكون هناك ذنب، وبيّن ذلك أحسن بيان وأبلغه، ثم قال: وكيف يتخيل وقوع ذنب منه؟ وَمايَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوى* إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى (?) وقد أجمع الصحابة رضى الله عنهم على اتباعه، والتأسى به فى كل ما يفعله، من قليل، أو كثير، صغير وكبير، لم يكن عندهم فى ذلك توقف، ولا بحث حتى أعماله فى السر والخلوة، يحرصون على العلم بها وعلى اتباعها، علم بهم، أو لم يعلم، ومن تأمل أحوالهم معه، استحى من الله أن يخطر بباله خلاف ذلك. انتهى.
...