. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المؤمنين، فأخرجت له مرآته صلى الله عليه وسلم فرأى صورته، ولم ير صورة نفسه. قال بعض الحفاظ: وهذا من أبعد المحامل. وقال الغزالى: ليس المراد بقوله: «فقد رآنى» رؤية الجسم، بل رؤية المثال الذى صار إليه، فيتأدى بها المعنى الذى فى نفسى إليه، وكذا قوله: «فسيرانى»: أى فى اليقظة. قيل: [ليس] (?) المراد: أنه يرى جسمى وبدنى، قال:
والآلة إما حقيقية أو خيالية، والنفس غير المثال المتخيل، والشكل المرئى ليس روحه صلى الله عليه وسلم ولا شخصه، بل مثاله على التحقيق، وكذا رؤيته تعالى نوما. قال: فإن ذاته تعالى منزهة عن الشكل والصورة، ولكن ينتهى تعريفه تعالى إلى العبد بواسطة مثال محسوس، من نور أو غيره، وهو آلة حقا فى كونه واسطة فى التعريف، فيقول الرائى:
رأيت الله نوما، لا يعنى، أنى رأيت ذاته تعالى، كما يقول فى حق غيره. وقال السيوطى أيضا: من رآه صلى الله عليه وسلم نوما، لم يرد رؤية حقيقة شخصه المودع روضة المدينة بل مثال، وهو مثال روحه المقدسة عن الصورة والشكل (فإن الشيطان لا يتمثل بى): فى رواية مسلم «إنه لا ينبغى للشيطان أن يتمثل فى صورتى» وفى رواية للبخارى: «فإن الشيطان لا يتكوننى، أو لا يتكون كونى» فحذف المضاف ووصل المضاف إليه بالفعل، وفى أخرى: «لا يتراءى بى» بالراء بوزن لا يتراءى، أى: لا يستطيع أن يتمثل بى لما أنه تعالى وإن أمكنه فى التصور فى أى صورة أراد، لم يمكنه من التصور بصورته صلى الله عليه وسلم.
قال جماعة: ومثال هذا أن رؤيا صلى الله عليه وسلم فى صورته التى كان عليها. وبالغ بعضهم فقال:
فى صورته التى قبض عليها حتى عدد شيبه الشريف، ومن هؤلاء ابن سيرين فإن صح عنه أنه كان إذا قصت عليه رؤياه قال للرائى: صف الذى رأيته، فإن وصف له صفة لم يعرفها، قال: لم تره، ويؤيد هؤلاء حديث المصنف لأبى عاصم بن كليب ولفظه عند الحاكم بسند جيد. «قلت: لابن عباس رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام، فقال: صفه لى، قال: فذكرت الحسين بن على فشبهته به، فقال: قد رأيته». ولا يعارضه خبر «من رآنى فى المنام فقد رآنى فإنى أرى فى كل صورة» لأنه ضعيف. وقال آخرون: لا يشترط ذلك، منهم ابن العربى حيث قال ما حاصله: رؤيته بصفته المعلومة إدراك على الحقيقة وبغير ما أدرك للمثال، فإن الصواب أن الأنبياء عليهم السلام لا تغيرهم الأرض، فإدراك الذات الحقيقية، وإدراك الصفات إدراك للمثال، وشذ من قال من القدرية، لا حقيقة