ثمّ قالوا: يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، فعلموا أن قد صدق.
قالوا: يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيصلّى على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قالوا: وكيف؟ قال: يدخل قوم فيكبرون، ويدعون، ويصلون، ثمّ يخرجون، ثمّ يدخل قوم فيكبّرون ويصلون، ويدعون، ثمّ يخرجون، حتّى يدخل النّاس.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الله له رسوله». والمقالة التى رجع عنها هى قوله: «لم يمت صلى الله عليه وسلم، ولا يموت حتى تقطع أيدى وأرجل» وكان ذلك لعظيم ما ورد عليه، وخشى الفتنة، وظهور المنافقين. فلما شاهد قوة يقين الصديق الأكبر وقراءته تلك الآيات سكن. ومن عظيم تلك المصائب، أن بعض الصحابة خبل كعمر رضى الله عنه، وبعضهم أقعد فلم يطق القيام، كعبد الله ابن أنيس، بل أضنى فمات كمدا، وبعضهم أخرس فلم يطق الكلام كعثمان وكان أثبتهم أبو بكر، وجاء وعيناه تهملان، وزفراته تتصاعد فكشف الثوب عن وجهه، وقال «طبت حيا وميتا، وانقطع بموتك، ما لم ينقطع بموت أحد من الأنبياء، فعظمت عن الصفة، وجللت عن البكاء، ولو أن موتك كان اختيارا، لجدنا لموتك بالنفوس، اذكرنا يا محمد عند ربك ولتكن من بالك» إن: أى أنه [قد] (?) صدق فى إخباره بموته صلى الله عليه وسلم لاستدلاله بالآيات التى قد ذكرها هو، لما عنده من نور اليقين، المانع لاستيلاء المحن والنوائب على قلبه، بخلافهم، فإن ذلك النور لما لم يكمل عليهم استولى عليهم عظيم ذلك المصاب فأوجب ذهولهم وولههم. (قال نعم. . .) إلخ، روى ابن ماجه «أنهم لما فرغوا من جهازه يوم الثلاثاء، وضع على سريره فى بيته، ثم دخل الناس أرسالا يصلون عليه، حتى إذا فرغوا، دخل النساء حتى إذا فرغن، دخل الصبيان، ولم يؤم الناس عليه أحد». وفى رواية «أول من صلى عليه الملائكة أفواجا ثم أهل بيته، ثم النساء فوجا فوجا، ثم نساؤه آخرا فيكبرون ويدعون ويصلون». فيه وجوب هذه الثلاثة، ومن ثم كانت أركانا عند الشافعى، أما التكبير فهو أربع، ويجوز أكثر لا أقل، وأما الدعاء، فلا بد أن يكون للميت بخصوصه، وأما الصلاة، فهى هنا فى هذا السياق لا يفهم منها، غير الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، فمن ثم أوجبها الشافعى هنا لذلك، وقياسا عليها فى الصلاة المعهودة.
(يدخل قوم. . .) إلخ: فيه أن تكرير الصلاة على الميت لا بأس بها وإن لم يصلوا كلهم