فلما رآنى، وقال لى: أقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: إنّ عمر يقول: لا أسمع أحدا يذكر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض، إلا ضربته بسيفى هذا.
قال لى: انطلق، فانطلقت معه، فجاء هو، والنّاس قد دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أيّها النّاس أفرجوا لى، فأفرجوا له، فجاء حتّى أكبّ عليه، وخرّ على
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كان فيها، وهو بالعوالى. (دهشا): بفتح فكسر أى: متحيرا مما استولى عليه من الذهول والوله. وفى رواية «أن أبا بكر أرسل غلامه ليأتيه بالخبر، فعاد وقال: سمعت الناس يقولون: مات محمد فركب من فوره وقال: وا محمداه، وا نقطاع ظهراه، ثم أقبل يبكى». (فقال: إن الناس أفرجوا. . .) إلخ: قد ينافيه رواية البخارى عن عائشة «أقبل أبو بكر على فرس من مسكنه بالسنخ، حتى نزل فدخل المسجد، فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة، فبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مسجى ببردة فكشف عن وجهه وأكب عليه فقبله ثم بكى، فقال: بأبى أنت وأمى لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التى كتبت عليك فقد متها». وقد يجاب بحمل قولها: (فلم يكلم الناس): على من بالمسجد وقول غيرها. (أفرجوا لى): على من كان حاضرا عنده صلى الله عليه وسلم، إذ لم يكلمهم بغير أفرجوا لى، ونفيه الموتتين إما حقيقة. ردا على عمر فى قوله بما مر، إذ يلزم منه أنه إذا جاء أجله يموت موتة أخرى، وهو أكرم على الله من أن يجمعهما عليه، كما جمعها على الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف، وعلى الذى مر على قرية. وهذا أوضح وأسلم من حمله على أنه لا يموت موتة أخرى فى القبر كغيره، أو لا يجمع الله عليه بين موت نفسه وموت شريعته أو الموتة الثانية: الكرب أى: يلقى كربا بعد كرب، فهذا الموت كربا آخر. (أكب): أقبل ولزم، وأما كب فبمعنى قلب وسرع، وأخرج البيهقى وغيره من طريق الواقدى: «أنهم اختلفوا فى موته، فوضعت أسماء بنت عميس يديها بين كتفيه فقالت: توفى قد رفع الخاتم من بين كتفيه» فكان هذا هو الذى عرف به موته، ولا ينافيه ما مر، لإمكان حمله على الحاضرين عنده، وحمل ما وقع لأبى بكر على بقية الناس، فقال: ورواية غير المصنف «أن عمر قام يقول: والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبو بكر فكشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله، فقال: بأبى أنت وأمى طبت حيا وميتا، والذى نفسى بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا، ثم خرج، فقال: أيها الحالف على رسلك، فلما تكلم أبو بكر جلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه،