«لا أغبط أحدا بهون موت، بعد الذى رأيت من شدّة موت رسول الله صلى الله عليه وسلم».

ـــــــــــــــــــــــــــــ

عليه حال. (بهون موت): أى أرفقه وأخفه، وهذا من إضافة الصفة للموصوف وأرادت أنها لما رأت شدة وفاته، علمت أنها ليست من العلامات الدالة على سوء، وضدها لا يدل على الكرامة، وإلا لكان أولى الناس به فلم يكره الشدة لأحد، ولم يغبط أحد يموت من غير شدة. وبهذا يندفع قول بعضهم: الأنسب أن تقول: أغبط كل من يموت بشدة وجه الاندفاع ما علمت أن الشدة لا تدل على خير والرفق لا يدل على سوء وبالعكس. وفى البخارى: «أنه صلى الله عليه وسلم لما حضره القبض، ورأسه على فخذ عائشة، غشى عليه، فلما أفاق، شخص بصره نحو سقف البيت، ثم قال: اللهم فى الرفيق الأعلى» (?)، وصح «أسأل الله الرفيق الأعلى، مع الأسعد جبريل وميكائيل وإسرافيل» (?). وظاهره أن الرفيق مكان يرافق فيه المذكورين، وفى النهاية: هو جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين. وقيل: هو الله لأنه رفيق بعباده، وقيل: حظيرة القدس، وختم كلامه بهذه الكلمة، لتضمنها التوحيد والذكر بالقلب، وإشارة إلى أن من منع لسانه مانع عن الذكر وقلبه مشغول به لم يضره ذلك، وأفرده لأن أهل الجنة يدخلونها على قلب واحد. وفى دلائل النبوة للبيهقى حديث طويل فيه أنه لما بقى من أجله صلى الله عليه وسلم ثلاث جاءه جبريل يعوده فقال: أجدنى مغموما أجدنى مكروبا ثم جاءه فى اليوم الثانى وفى الثالث، وهو يقول له ذلك، ثم أخبره أن ملك الموت يستأذن، وأنه لم يستأذن على آدمى قبله ولا بعده، فأذن له فوقف بين يديه، يخيره بين قبض روحه وتركه، فقال له جبريل: يا محمد إن الله قد اشتاق للقائك، فأذن له فى القبض فلما قبضه، وجاءت التعزية، سمعوا صوتا من ناحية البيت، السلام عليكم أهل البيت، وذكر تعزية طويلة» وأنكر النووى وجود هذه التعزية فى كتب الحديث، وقال الحافظ العراقى: لا تصح، وبين أن ما رواه ابن أبى الدنيا فى ذلك بطوله فيه انقطاع ومتكلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015