القاسم بن محمد، عن عائشة، أنها قالت:
«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت، وعنده قدح فيه ماء، وهو يدخل يده فى القدح، ثمّ يمسح وجهه بالماء، ثمّ يقول: اللهمّ أعنّى على منكرات الموت-أو قال: على سكرات الموت-».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وجهه بالماء): لأنه كان يغمى عليه من شدة الوجع، ثم يفيق، ويؤخذ منه أنه ينبغى فعل ذلك لكل مريض، وإن لم يفعله فعل به غيره، لأن فيه نوع تخفيف للكرب كالتجريع بل يجب التجريع إن اشتدت حاجة المريض إليه، وأغمى عليه صلى الله عليه وسلم مرة، فظنوا أن به ذات الجنب فلدوه أى من اللدود، وهو ما يجعل فى جانب الفم من الدواء، وأما ما يصب فى الحلق فهو الوجور، فجعل يشير إليهم أن لا يلدوه، فقالوا: كراهة المريض للدواء، فلما أفاق قال: «ألم أنهكم أن تلدونى» فقالوا: كراهية المريض للدواء فقال:
«لا يبقى أحد فى البيت إلا لد وأنا انظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم» رواه البخارى، «وكان بقسط مذاب فى زيت» رواه الطبرانى، وفعل بهم ذلك لتركهم امتثال نهيه تأديبا لا انتقاما خلافا لمن ظنه. وظاهر سياق الخبر كما قاله بعض المحققين أن سبب كراهته لذلك مع أنه كان يتداوى، عدم ملائمة ذلك لدائه، فإنهم ظنوه ذات الجنب، ولم تكن به، لخبر ابن سعد: «ما كان الله ليجعل لها-أى لذات الجنب-علىّ سلطانا» والخبر «بأنه مات منها» ضعيف على أنه جمع بأنها تطلق على ورم حار يعرض فى الغشاء المستبطن، وهو المنفى، وعليه تحمل رواية الحاكم: «ذات الجنب من الشيطان» وعلى ريح تحتقن بين الأضلاع، وهو المثبت. (سكرات الموت): أى شدائد الموت ومكروهاته، وما يحصل للعقل من التغطية المشابهة للسكر، وقد يحصل من الغضب والعشق نظير ذلك، فهو بمعنى منكرات الآتية، والشك إنما هو فى اللفظ ولشارح هنا ما لا ينبغى، وهو قوله: لعل المراد بها الأمور المخالفة للشرع حرمة أو كراهة الواقعة حال شدة الموت. انتهى. فقوله: المخالفة للشرع، ليس فى محله، لأنه صلى الله عليه وسلم لعصمته لا يخشى شيئا فى ذلك، فإن قلت: الشيطان تغلب عليه فى صلاته، قلت: تغلبه عليه فى حال