. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

يجوع ويشد الحجر على بطنه من الجوع. قال: وإنما معناها: الحجز بالزاى وهو طرف الإزار، وما يغنى عن الجوع. ويجاب: بأن هذا خاص بالمواصلة، فكان إذا وصل أعطى قوة الطاعم والشارب، أو يطعم ويسقى حقيقة على الخلاف فى ذلك، وأما فى غير حالة المواصلة فلم يزدد فيه ذلك، فوجب الجمع بين الأحاديث، بحمل الأحاديث الناصة على جوعه على غير حالة المواصلة. وروى ابن أبى الدنيا «أصاب النبى صلى الله عليه وسلم جوع يوما فعمد إلى حجر فوضعه على بطنه ثم قال: ألا ربّ نفس طاعمة ناعمة فى الدنيا، جائعة عارية يوم القيامة ألا رب مكرم لنفسه، وهو لها مهين، ألا رب مهين لنفسه. وهو لها مكرم» (?). وفى الصحيح عن جابر: «كنا يوم الخندق فقام يحفر فعرضت كدية-وهى بضم مهملة فتحتية: قطعة صلبة-فجاءوا للنبى صلى الله عليه وسلم، فقالوا:

هذه كدية عرضت فى الخندق، فقام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا» فأخذ صلى الله عليه وسلم المعول فضربه فعاد كثيبا أهيلا، أو أهيم» (?) أى وهما بمعنى واحد. زاد أحمد والنسائى بإسناد حسن: «أن تلك الصخرة لا تعمل فيها المعاول، وأنه صلى الله عليه وسلم قال:

بسم الله، وضربها ضربة، فنشر ثلثها، فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، والله إنى لأبصر قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقطع ثلثا آخر، فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس، وإنى والله لأبصر قصور المدائن البيض، ثم ضرب الثالثة، فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، وإنى لأبصر أبواب صنعاء من مكانى الساعة» (?). وبما تقرر:

علم أن الصواب، صحة الأحاديث، وأنه صلى الله عليه وسلم شد الحجر بالرّاء شدا خفيفا، وأنه لم يفعل ذلك ليعلم الصحابة بأنه صلى الله عليه وسلم ليس عنده ما يستأثر به عليهم فحسب كما زعمه بعضهم، بل فعله لذلك، ولما يحس به ألم الجوع اختيارا لثواب الآخرة. ومن حكمة شد الحجر، أنه يسكن بعض ألم الجوع، لأن حرارة المعدة الغريزية ما دامت المعدة مشغولة بالطعام، بتلك الحرارة به، فإذا نفذ اشتغلت برطوبات الجسم وجواهره فيحصل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015