ولا غليظ، ولا صخّاب ولا فحاش، ولا عيّاب، ولا مشاح، يتغافل عمّا يشتهى، ولا يؤيس منه، ولا يجيب فيه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والإكبار ومالا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الخلق لين الجانب): سريع العطف جميل الصفح وسهولة خلقه، إما من صعوبته فمعناها أن خلقه الحسن يتعادل فى كل شىء إرادة أو خشونته فمعناها: أنه لا يصدر عن خلقه مؤذ بغير حق. (ليس بفظ): صفة مشبهة ذكرت تأكيدا، أو مبالغة فى المدح، وإلا فهو معلوم من سهل الخلق، إذ هو ضده، لأنه السيئ الخلق وكذا القول فى (غليظ) إذ هو الجافى الطبع القاسى القلب. (ولا صخاب ولا فحاش): مر. (ولا عياب): أى ذى عيب، والمراد هنا بصخاب وما بعده: نفى أصل الفعل، نظير ما مر على حد. وَمارَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ، وروى الشيخان «أنه صلى الله عليه وسلم ما عاب ذواقا قط، ولا عاب طعاما قط، إن اشتهى أكله، وإلا تركه» وهذا فى المباح أما الحرام فكان يعيبه ويذمه، وينهى عنه، وأخذ أئمتنا وغيرهم من هذا، أن من آداب الطعام المتأكدة: أن لا يعاب كمالح، حامض، قليل الملح، غير ناضج، ومن التمثيل بذلك صرح به النووى يعلم أنه لا فرق بين عيبه من جهة الخلقة، ومن جهة الصنعة، وله وجه لكسر قلب الصانع، اللهم إلا إن قصد تأديبه بذلك فلا بأس، وعليه يحمل قول بعضهم: إنما يكره ذمه من جهة الخلقة لا من جهة الصنعة، لأن صنعة الله لا تعاب، وصنعة الآدميين تعاب. (ولا مشاح): اسم فاعل من المفاعلة من الشح أى: ولا بخيل، إذ الشح البخل، وقيل:
البخل أشده، وقيل: البخل مع الحرص، وقيل: البخل فى الجزئيات، كذا قيل فى حكاية هذين، وفى الفرق بين الحرص والبخل نظر كالتخصيص بالجزئيات، إذ من بخل بها بخل بالكليات من باب أولى، فإن أريد بالجزئى الأمر الحقير كان القول فيه وجه، وفى نسخة «ولا مزاح» والمراد: نفى المبالغة فى هذين لا نفى أصلهما لوقوعه أى:
المزاح عنه صلى الله عليه وسلم. (يتغافل): أى يتكلف الغفلة والإعراض. (عما لا يشتهى): من فعل لا ينبغى صدوره عن فاعله، وسؤال شىء منه لا ينبغى سؤاله عنه، ومع ذلك، (ولا يؤيس منه) راجيه أى: لا يصيره أيضا من بره وخيره ويؤيس من قيد فى الأصول بهمزة قبل السين من يئس، أى: قنط وآيسته جعلته قانطا، وفيه لغة أخرى: آيسته بالمد، فهو من أيس، مقلوب يئس، صرح به الصرفيون، وأجمعوا عليه، فهو مهموز العين لا غير، وبهذا رد شارح، وزعم آخر: أن أيس مهموز الفاء أى: لكن عذره أنه نظر إليه بعد القلب وهم نظروا إليه قبله، فقول الأول عن الثانى الويل كل الويل كيف اختير لشرح