الحرم، ولا تنثنى فلتاته، متعادلين، يتفاضلون فيه بالتّقوى، متواضعين، يوقرون فيه الكبير، ويرحمون فيه الصّغير، ويؤثرون ذا الحاجة، ويحفظون الغريب».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لعدم علم، أو صبر، أو أمانة. (ولا تؤبن) من الأبن وهو العيب. (فيه الحرم) أى المحارم، أى: لا يعبن ولا يرمين محلة سوء لصون مجلسه عن رفث القول وقبيحه. (لا تنثنى) بفوقية فنون فمثلثة من الثنو من ثنى يثنو إذا تكلم بقبيح أى: لا يشاع ولا يذاع.
(فلتاته) أى زلاته، أى: إن وقع من أحد فيه زلة سترت فلا تذكر فى مجلس غيره، أو أن المراد كما قال ابن الأعرابى: إنه لا فلتات فيه تثنى فانثنى، فالنفى للفلتات نفسها لا لوصفها من الإذاعة، فالنفى لا يقيد لا للقيد وحده على حد لا يَسْئَلُونَ اَلنّاسَ إِلْحافاً أى لا سؤال منهم فلا إلحاف، فإن قلت: قد وقع فيه فلتات من أجلاء فالعرب يقول بعضهم له: «أعطى من مال الله الذى أتاك لا من مال أبيك وجدك». وقول الأنصارى:
للزبير فى السقى فقضى صلى الله عليه وسلم للزبير: «أن كان ابن عمتك» قلنا: مثل هذه الأجلاف لا تسمى فلتة، كيف وهى دأبهم ونشأتهم؟ وإنما تسمى فلتة ما وقع من كامل على خلاف طبعه وعادته، وهذه لم يحفظ وقوع شىء منها فى مجلسه، فإن حفظ، كان المراد بها،؛ لو وقعت نادرا سترت على صاحبها. (متعادلين) قيل: بنصب بتقدير كانوا وأولى منه؛ أنه حال متقدمة من ضمير. (يتفاضلون) أى متساوين فيما بينهم، فلا ترى أحدا منهم له تميز على جليسه وإن كان أجل منه علما وأقدم صحبة. (الكبير) أى هنا وقد لا:
(الصغير) أى كذلك وورد: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا».
(ويؤثرون ذا الحاجة) على أنفسهم فى تقربه من النبى صلى الله عليه وسلم وتحدثه معه وغير ذلك.
(ويحفظون الغريب) من الفوائد أى: يعتنون بحفظه وإتقانها، ومن الرجال، أى:
يحفظون وده وإكرامه، ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن له بواب كما فى البخارى، لكنه اتخذ أبا موسى الأشعرى بوابا لما جلس على البئر ولا تنافى، بل الأول فيما إذا لم يكن فى شغل من أهله ولا انفراد فى أمره ح، فكان يرفع الحجاب بينه وبين الناس، والثانى فيما إذا كان فى شىء من ذلك، ومن ثم لما حلف النبى صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل على نسائه شهرا، وانفرد فى المشربة استأذن عليه عمر رضى الله عنه فقال: «يا رباح استأذن لى».