. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تواضع فيها لأنا نقول التواضع خروج الإنسان عن مقتضى جاهه، وتنزل من عادة مرتبته إلى ما هو دون ذلك، وعيادة المريض، وكونه بذلك القصد كذلك وافهم أيضا أن سائر الأيام يطلب فيها العيادة، وترك العيادة يوم السبت، من البدع ابتدعها يهودى ألزمه ملك بمرض بملازمته، فأراد يوم الجمعة الذهاب لسبته فمرض فخاف استحلاله على نفسه فقال له: إن المريض لا يدخل عليه يوم السبت، فتركه الملك، ثم أشيع ذلك، وصار بعض من لا علم عنده، يحسب أن ذلك أصلا، وقد علمت أصله، ومن الغريب ما نقله ابن الصلاح عن القراء: أنها تندب شتاء ليلا، وصيفا نهارا وحكمته تضرر المريض، بطول الليل شتاء والنهار صيفا فيحصل له بالعيادة من الاسترواح ما يزيل عنه تلك المشاق الكثيرة ومما كان يفعله صلى الله عليه وسلم حال العيادة ويأمر به تطييب نفس المريض وقلبه لخبر: «إذا دخلتم على مريض فنفسوا له فى أجله فإن ذلك يطيب نفسه» أو خبر: «لا بأس عليك طهور إن شاء الله حالك الآن أحسن» ويذكر ثواب المريض ككون المرض كفارة وأرشد صلى الله عليه وسلم بذلك إلى نوع من أشرف أنواع العلاج من كلام يقوى به الطبيعة وينبعث به الحار الغريزى إذ فى إدخال السرور عليه تأثير عجيب فى شفائه؛ لأن الروح تقوى بذلك فتساعد الطبيعة على دفع المؤذى وهذا غاية تأثير الطيب وربما سأله عن شكواه وكيف يحدو عما يشتهيه، فيدعو له ويصف له ما ينفعه فى علته وربما قال له: لا بأس عليك طهور إن شاء الله وربما قال كفارة وطهور، وورد بسند حسن: «كان إذا عاد مريضا يضع يده على المكان الذى يألم ثم يقول: بسم الله» (?) وفى حديث بسنده: «كان تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته ويسأله كيف هو» (?) وفى رواية: «كيف أصبحت وكيف أمسيت» (?). (ويشهد الجنائز) فيندب لنا بل يتأكد علينا التأسى به فى ذلك وأثر قوم العزلة ففاتهم بسببها خيرات كثيرة وإن حصل لهم بها خير كثير، لأن الأكمل العزلة عن الشر فقط، والمخالطة فى الخير مع التحفظ ما أمكن من تطرق الشر وأسبابه، وهذا